هل تعلم أن خطأ بسيط في تكوين الشبكة يمكن أن يتسبّب في شلل كامل لأعمالك ضمن المؤسسة؟! لحُسن الحظّ يوجد حلّ باهر لهذه المشكلة المريعة وهو أتمتة الشبكات (Network Automation)..
في عالم الاتصالات الرقمية المتسارع، أصبحت الشبكات أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، فمع تزايد اعتماد الشركات على التطبيقات السحابية والبيانات الضخمة، أصبحت الإدارة اليدوية لهذه الشبكات مهمة شاقة ومعرّضة للأخطاء البشرية التي تكلف المؤسسات خسائر فادحة. هنا يأتي دور أتمتة الشبكات كحلّ مثالي لتبسيط العمليات وزيادة كفاءة البنية التحتية الشبكية.
فما هي هذه التقنية المذهلة وكيف تسهم في رفع كفاءة الشبكات كل هذا وأكثر سنتناوله في مقالنا فلنبدأ رحلة الاستكشاف!
أتمتة الشّبكات هي عمليّة دمج البرمجيّات والعمليّات لتهيئة وإدارة ومراقبة الأجهزة الفعليّة والافتراضيّة داخل شبكة المنظمة. تهدف هذه الآليّة إلى تبسيط الأنشطة اليومية، وتحسين الكفاءة، وتقليل الأخطاء البشرية عبر أتمتة المهام المتكرّرة مثل الإعداد، المراقبة، وحلّ المشكلات. نتيجة لذلك، تزداد فعالية الشبكة، وتتطوّر تجربة المستخدم.
لا تقتصر الأتمتة على تهيئة الأجهزة الجديدة فحسب، بل تمتدّ لتشمل مراقبة الأداء، تنفيذ السياسات الأمنية، واكتشاف الأعطال تلقائيًا، مما يضمن استمرارية العمل دون انقطاع. ويمكن تطبيقها في بيئات متنوّعة، سواء في الشبكات المحلية أو العالمية، لتعزيز الإنتاجية وخفض التكاليف. فمن خلال الإعداد التلقائي للأجهزة الجديدة، يمكن للموظّفين الوصول إلى الشّبكة بسرعة دون الحاجة للتّواصل مع قسم تكنولوجيا المعلومات.
تتيح (Zero-Touch Provisioning – ZTP) تهيئة الأجهزة الجديدة تلقائيًا بمجرد تشغيلها، لكنها ليست مجرد عملية إعداد ذاتي، بل تعتمد على سيرفر مركزي يقوم بإرسال ملفات التكوين إلى الأجهزة فور تشغيلها لأول مرة، مما يضمن الإعداد الدقيق والموحد. بمعنى آخر تُستخدم هذه التقنية بشكل واسع في موجّهات الشبكة (Routers) والمحولات (Switches) داخل مراكز البيانات، مما يقلل الحاجة إلى التدخل اليدوي ويسرّع نشر البنية التحتية للشبكة.
كما تعتمد بعض الشبكات على الأتمتة المدعومة بالذكاء الاصطناعي (AI-Driven Automation) لتحليل البيانات والتنبؤ بالمشكلات قبل حدوثها، مما يساعد على تحسين استجابة الشبكة وتعزيز الأمن. كلّ ذلك يتيح لفريق تكنولوجيا المعلومات التّركيز على المهام الاستراتيجية، بينما تتمّ إدارة العمليات الروتينية بكفاءة ودون تدخّل بشري.
network-automation
تشتمل على نوعين مذهلين نستعرضهما في الجدول التالي:
| النوع | الوصف |
| أتمتة التوفير (Provisioning Automation) |
|
| أتمتة التنسيق (Orchestration Automation) |
|
كصاحب شركة وفي حال أردت تطبيق أتمتة الشبكات، هذا يعني أنّك تحتاج في مؤسستك إلى اتباع الخطوات الخمس التالية:
أول خطوة نحو شبكة مؤتمتة بالكامل هي الحصول على صورة كاملة لجميع الأجهزة المستخدمة عبر المؤسسة، حيث تشمل هذه العملية تحديد جميع أجهزة الكمبيوتر المكتبية، وأجهزة اللابتوب، والأجهزة اللوحية، والهواتف الذكية التي يستخدمها الموظفون، سواء كانت مملوكة للشركة، أو تتيحها الشركة للاستخدام الشخصي، أو ضمن ترتيبات إحضار جهازك الخاصّ، بالإضافة إلى أجهزة التوجيه، والطابعات، وأجهزة إنترنت الأشياء (IoT)، والأجهزة المكتبية الأخرى. كما أنه من الضّروري فهم شامل للبنية التحتيّة المتاحة، مثل الشّبكات السلكية واللاسلكية.
يجب على قادة تكنولوجيا المعلومات في المؤسسة تخصيص الوقت لتقييم واختيار المنصة المناسبة. بما أن معظم الشبكات المؤسسية تبنى يدويًا و محليًا، فإن هذه العملية تتطلب جهدًا للعثور على المنصة الأنسب، وهناك بعض العوامل التي يجب أخذها بعين الاعتبار كالميّزات المتوفّرة خارج الصّندوق، وقابليّة التّوسع، والدّعم الفني.
من المهم وجود إمكانيات تدقيق فعالة، بمعنى يجب إنشاء سياسات لكلّ ميزة من ميّزات الشبكة قبل نشرها، مثل سياسة الاتصال بشبكة واي فاي العامة.
سيحتاج فريق تكنولوجيا المعلومات إلى تنفيذ تقنية أتمتة الشبكة بشكل تدريجي على مراحل، على سبيل المثال، ستكون إعدادات الأجهزة الجديدة هي المهمة الأولى التي تتمّ أتمتتها، أو قد يتمّ البدء بتطبيق الأتمتة في موقع مكتبيّ واحد، ولكي تعمل أتمتة الشبكة بشكل أمثل، يجب توقّع التّكامل المستمر.
مع مرور الوقت، لن تكون هناك حاجة لإجراء تغييرات يدوية على الشبكة، حيث ستصبح جميع الأجزاء مؤتمتة بالكامل. ومع ذلك، نظرًا لأن عمليّة الأتمتة مستمرة، فإن استكشاف الأخطاء وإجراء التعديلات سيظل جزءًا طبيعيًا من العمل.
تقدّم بعض الأدوات حلولاً متكاملة لإدارة الشبكات وأتمتتها عبر مجموعة متنوّعة من الأساليب، ممّا يتيح للمستخدمين تسريع العمليّات وتقليل الأخطاء البشريّة، إليك أبرز هذه الأدوات:
Ansible هو منصة أتمتة شائعة تتيح للمستخدمين تعريف البنية التحتية كـ كود (Infrastructure as Code – IaC) باستخدام دفاتر تعليمات (Playbooks) سهلة تعتمد على YAML. يُستخدم بشكل واسع في إدارة الشبكات، نشر التطبيقات، وأتمتة المهام المعقدة.
يعد Cisco DNA Center نظام إدارة شبكات متكامل (Intent-Based Networking – IBN) يعتمد على تحليل البيانات بالذكاء الاصطناعي (AI). يوفر قدرات متقدمة مثل الأتمتة، تنفيذ السياسات، وضمان الجودة عبر أجهزة سيسكو، مما يساعد في تحسين الأداء وتقليل التكاليف التشغيلية.
تقدّم Juniper Networks مجموعة من الأدوات التي تتيح أتمتة وإدارة أجهزة Junos OS، ومنها:
تُستخدم جافا سكريبت بشكل شائع في أدوات وأُطر أتمتة الشبكات المعتمدة على الويب، بالإضافة إلى تطوير السّكربتات والتطبيقات المخصصة التي تتفاعل مع واجهات برمجة التطبيقات (APIs) وواجهات الإنترنت للشبكات.
بايثون هو أحد أكثر لغات البرمجة استخدامًا في أتمتة الشّبكات نظرًا لبساطتها ووضوحها، ولديها مكتبات ضخمة من الوظائف المتعلقة بالشبكات.
في العصر الحديث، تتطلب الشبكات المعقدة التي تشمل مكونات متعددة مثل السحابة، والشبكات الواسعة (WAN)، والشبكات المحلية (LAN)، واتصالات الهاتف المحمول، إدارة دقيقة ومتطورة، فعلى سبيل المثال، في الشبكات التقليدية، قد يستغرق إجراء أي تحديث أو تغيير وقتًا طويلاً يصل إلى أسابيع أو حتى شهور، مما يبرز الحاجة إلى حلول أكثر مرونة وكفاءة.
لكن مع ظهور الشبكات المعرفة بالبرمجيات (SDN)، أصبحت هذه الشبكات أكثر مرونة وقابلة للتوسع، حيث تتيح إدارة الشبكة عبر البرمجيات بدلاً من الاعتماد على الأجهزة المادية، مما يجعل التعديلات أسهل وأكثر كفاءة.
كما يحب الإشارة أنّ Software-Defined Networking هو نهج معماري يسمح بفصل طبقة التحكم عن طبقة البيانات في الشبكة، بينما الأتمتة (Automation) هي مجرد أداة تساعد على تنفيذ المهام دون تدخل بشري.
إذًا والحال هذه لماذا نحتاج للذّكاء الاصطناعي بالرغم من وجود SDN ؟
على الرغم من الفوائد العديدة التي تقدّمها الشبكات المعرفة بالبرمجيات (SDN)، هناك حاجة ملّحة لتحديث الأدوات القديمة لتواكب التطورات الحديثة في هذا المجال. حيث أن التقنيّات التي تعتمد على الأجهزة الثابتة قد تحدّ من قدرة الشبكات على التكيّف السّريع مع المتغيرات والاحتياجات المتجددّة.
لذلك، هنا يأتي دور التعلم الآلي (Machine Learning-ML) كأداة أساسية لتحسين الأتمتة في الشبكات، من خلال دمج أدوات ML المتقدّمة لمراقبة الشبكة واتّخاذ قرارات فورية استنادًا إلى البيانات الحيّة، يتمّ تحقيق العديد من الفوائد، مثل:
بذلك، يشكّل دمج SDN و ML خطوة هامة نحو تحقيق أتمتة الشبكات بشكل كامل. ممّا يعني أن هذا الدمج يساهم في تحقيق مرونة وسرعة في التفاعل مع احتياجات الشبكة المتغيرة، ويعزز الأداء والكفاءة العامة، بما يتماشى مع متطلبات العصر الرقمي الحديث.
يمثل دمج تقنية 5G مع أتمتة الشّبكات تحوّلاً كبيراً في صناعة الاتصالات. مع تطور هذه الصناعة لمواكبة التغيرات السريعة التي تجلبها 5G، يصبح النشر الاستراتيجي لأنظمة أتمتة الشبكات المتقدمة عاملاً حاسماً في تحقيق الكفاءة التشغيلية والتميز.
تتطلب شبكات الجيل الخامس 5G المتطورة أتمتة متكاملة بسبب التّعقيد العالي والطلب الكبير على الأداء المتميز من حيث السرعة والكفاءة والتوسّع، وذلك لأنّ شبكة 5G ليست مجرد ترقية من 4G، بل هي تحول جذري في البنية التّحتية لشبكات الاتصالات، مع تزايد عدد الأجهزة المتصلة وتنوع التّطبيقات التي تتطلّب زمن استجابة منخفض للغاية، مثل إنترنت الأشياء (IoT) والاتصالات بين الآلات (M2M).
هذا التّحول لا يقتصر فقط على زيادة السّرعة، بل يشمل تحسين الاستجابة في الوقت الفعليّ. وكذلك وتوسيع نطاق التّغطية، وتحقيق تخصيص مرن للموارد.
لذلك، كانت الحاجة ماسّة إلى أتمتة هذه الشبكات لمواكبة هذه المتطلبات المعقدة والضرورية.
تتمّ أتمتة شبكات 5G من خلال دمج تقنيّات متقدّمة مثل الشبكات المعرّفة بالبرمجيات (SDN) و الوظائف الشبكيّة الافتراضية (NFV)، حيث توفر هذه التقنيات مرونة كبيرة في إدارة الشبكة وتخصيص الموارد بشكل ديناميكي. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام التعلم الآلي (ML) لتحليل البيانات في الوقت الفعلي. مما يسهم في تحسين الأداء وضمان الاستجابة السريعة للتغيرات في الشبكة.
على الرغم من أن التعلم الآلي في أتمتة الشبكات لا يزال في مراحله الأولى، إلا أنه يساهم حاليًا في:
إن الفهم والمعرفة بتقنيات وأدوات أتمتة الشبكات أصبحت اليوم ضرورة حتمية على كلّ مهندس شبكات يسعى إلى احتراف هندسة الشبكات الحديثة والغوص في عوالمها وأدواتها نظرًا للتطور المتسارع الذي يحصل اليوم على كافة مستوياتها.
إذن، من هنا ومن هذا المنطلق تقدّم لك أكاديمية اتصالاتي My-Communication كورس CCNA الشامل الذي يُمكنك من اكتساب معرفة متقدمة أتمتة الشبكات Network Automation وكيفية تطبيقها و معرفة أدواتها في البيئات العملية المختلفة.
لأن التطبيق العملي القائم على التجربة والمحاكاة هو صلب أي مهارة تتعلمها اليوم بوصفك مهندس محترف. توفّر أكاديمية My-Communication بيئة تدريبية تفاعلية تُثري معرفتك، من خلال كورس الشبكات المتقدم الذي يتضمن:
| وليس هذا فحسب، بل تمتدّ دوراتنا لتشمل الألياف الضوئية مرورًا بالأنظمة المدمجة (Embedded Systems) والحوسبة السّحابية (Cloud Computing) وصولًا إلى إدارة المشاريع الاحترافية PMP. فماذا تنتظر بعد لتبدأ رحلة نجاحك! |
والآن دعنا نستعرض أهم الأسئلة الشائعة حول أتمتة الشبكات ونجيب عنها:
هي عملية استخدام أدوات وبرامج مثل Ansible أو Python للتحكم في تكوين وإدارة الشبكات الافتراضية داخل بيئة محاكاة GNS3 بشكل آلي بدلاً من القيام بهذه المهام يدويًا.
لزيادة سرعة وكفاءة عمليات الإدارة، تقليل الأخطاء البشرية، وتحقيق تناسق أعلى في تكوين الشبكات.
تجعل إدارة الشبكة أسرع وأكثر دقة، وتسمح بإدارة شبكات أكبر وأكثر تعقيدًا، وتوفر الوقت والجهد للمهندسين.
في النهاية وفي ختام مقالنا، لا بدّ من التأكيد على أن عالم الشبكات هو عالم متقدّم ومتطور باستمرار، و كمهندس شبكات عليك دومًا مواكبة أهمّ التحديثات والتقنيات المرتبطة بها كأتمتة الشبكات وغيرها. لذا ندعوك للبقاء على اطّلاع على كلّ ما يخصّ هندسة الاتصالات مع أكاديمية اتّصالاتي.
Optimized by Seraphinite Accelerator