حظيت مميزات الجيل الخامس في الآونة الأخيرة بإشادة جميع مستخدميها ومجربيها. حتى ذاع بذلك صيتها في مختلف البلدان سواء الداعمين منهم لهذه التقنية أو غير الداعمين.
إذ لا شكَّ أن تقنية الـ 5G استطاعت إحداث تحولًا رقميًا لم يسبق حدوثه في أي من عصور التقنيات السابقة وإن كانت تلك التقنيات قد أسهمت أيضًا في صعود تقنية الـ 5G.
أي أننا جميعنا متفقون على أهمية وجود مميزات هذا الابتكار الاستثنائي في عالمنا. لا سيما أنه جعل هذا العالم بأسره أكثر تألقًا وأشدُّ ارتباطًا.
لكن يبقى التساؤل المطروح، ما هو وجه التغيير الذي سيطرق على حياتنا بفضل مميزات الجيل الخامس؟ هذا هو تمامًا ما سنوضحه في هذا المقال.
نُبذة عن شبكة الجيل الخامس
لتكوين فكرة شاملة عن مميزات الجيل الخامس وبنيته لا بدَّ من العودة إلى الوراء قليلًا لإلقاء نظرة موجزة على كل من أجيال شبكات الاتصالات الخلوية السالفة لهذا الجيل.
ففي مستهل حديثنا عن أجيال الشبكات الخلوية حريٌّ بنا التطرق إلى شبكة الـ 0G. والتي اقتصرت الهواتف الداعمة لها على الهواتف العسكرية فحسب إذ لم تصِل إلى الأسواق التجارية في ذلك الحين. وعُرف نظام الهواتف الداعمة لهذا الجيل باسم pre) cellular or zero” generation systems”).
أما النموذج المبدأي لهذا النظام فقد عرف باسم (Handie Talkie H12-16) المبين بالشكل التالي:
ضمن هذا الإطار سعت بعض البلدان إلى تغطية كامل مدنها بهواتف نقالة تدعم المكالمات الصوتية. فكانت بذلك انطلاقة شبكة الجيل الأول 1G والتي تمثلت عيوبها في ضعف جودة الصوت وعدم الدعم الكافي للتشفير.
لذا أصبحت هناك رغبة في حل مشاكل شبكة الجيل الأول من تحسين لنوعية الصوت إلى جانب إضافة ميزة جديدة تدعم الرسائل النصية القصيرة وأطلق على هذا التحديث اسم شبكة الجيل الثاني 2G.
لم تكتفِ الشركات بإطلاق ميزات جديدة تؤمن عبرها المزيد من الخدمات للمستخدمين. بل أصبحت تتنافس على سرعة نقل البيانات حتى ظهر جيل جديد وصلت سرعة بعض أنظمته إلى 14 ميجابت في الثانية وأعطيَ لقب الجيل الثالث.
كذلك مكالمات الفيديو ورسائل الوسائط المتعددة وخدمات الألعاب واستخدام الإنترنت في التواصل. كل هذه الميزات رافقت الجيل الثالث في ظهوره.
لم تأتِ شبكة الجيل الرابع بجديدٍ مختلف عن الجيل الثالث إلا أنها ركزت على نقل البيانات بكافة أشكالها أكثر من تركيزها على نقل البيانات الصوتية على وجه الخصوص. كما وفرت سرعة كبيرة لنقل البيانات تصل إلى 300 ميجابت في الثانية.
أما عن شبكة الجيل الخامس فلن تقتصر ميزاتها على تقديم خدمات إضافية على النطاق الفردي. أي لن تكون الميزات الجديدة عبارة عن سرعة انترنت تفوق التوقعات أو استحداث سمة غريبة في الهواتف تسهم في المزيد من التسلية للمستخدمين.
بل إنها ستتسع لتدعم أهداف الثورة الصناعية الخامسة في قلب العالم كله رأسًا على عقب. بدءًا بتحقيق الاتصال الفوري بمليارات الأجهزة وانتهاءًا بتمكين الاتصال بين عدد هائل من الآلات دون تدخل العنصر البشري.
خلاصة القول، قد حاولنا تبسيط المقارنة بين أجيال الاتصالات الخلوية قدر ما يسعنا الحديث عن ذلك ويستوعب ذهن القارئ. إلا أن الحديث في هذا الجانب يطول.
لذا ندرج لكم الآن جدولًا يضم بعضًا من أوجه المقارنة الأخرى لتتضح لكم الرؤية بشكلٍ أكبر. ولنكون قد أثرينا معلوماتكم في هذا الجانب قدر الإمكان.
ما هي مميزات الجيل الخامس؟
في حين كان الهدف الرئيسي لكافة أجيال شبكة الاتصالات الخلوية السابقة للجيل الخامس. هو ضمان اتصال جيد للمستخدمين ومعالجة البيانات وقواعد المعلومات. كان التركيز الأساسي في مميزات الجيل الخامس على حل مشاكل الذكاء الاصطناعي وخلق تجارب جديدة في إنترنت الأشياء تساعد على جعل الحياة أسهل.
لذا كان لظهور هذا الجيل شعبية مختلفة عن باقي الأجيال وذلك بفضل الأبعاد التي رسمت بناءًا على ميزاته المتطورة.
-
أسرع بـ 100 مرة من شبكة الجيل الرابع.
تستخدم شبكة الجيل الخامس موجات راديوية ذات ترددات عالية تصل إلى 30 جيجاهرتز نظريًا. بحيث تعمل على ثلاث نطاقات ترددية منخفضة ومتوسطة وعالية.
بينما شبكة الجيل الخامس منخفضة النطاق الترددي فستستخدم ترددات مشابهة لشبكات الجيل الرابع. أي ما يقارب 800 – 600 ميجاهرتز. بمعنى أنها ستقدم سرعات للمستخدمين قد تصل إلى 250 ميجابت في الثانية لذا لن تختلف كثيرًا عن ما قدمته شبكة الجيل الرابع من سرعات.
وكذلك الأمر بالنسبة لأبراج تغطية هذا النطاق الترددي المنخفض. إذ ستكون مماثلة للأبراج المستخدمة في شبكة الجيل الرابع من حيث النطاق ومناطق التغطية.
لكن شبكة الجيل الخامس متوسطة النطاق الترددي ستستخدم موجات راديوية ذات ترددات من 2.5 إلى 3.7 جيجاهرتز وبالتالي ستتراوح سرعات الاتصال في الأجهزة الداعمة لهذه التقنية بين 100 إلى 900 ميجابت في الثانية وهذا النطاق الترددي هو الأكثر استخدامًا وانتشارًا.
في حين تستخدم شبكة الجيل الخامس ذات النطاق الترددي العالي موجات راديوية بترددات تصل إلى 30 جيجاهرتز بحيث تقدم سرعات في الاتصال تضاهي سرعة الألياف الضوئية.
بمعنى أنك ستستطيع تحميل فيلم تزيد مدته عن الساعتين وبدقة عالية في غضون ثوانٍ قليلة فقط. وهذا على النطاق الفردي.
أما وبوجه العموم فإن القفزة العملاقة لسرعة شبكة الجيل الخامس ستظهر جليةً في المجالات الصناعية والطبية. فهل تتخيل أن تجرى عملية جراحية كاملة عبر الإنترنت، فقط بفضل السرعة الهائلة لشبكة الجيل الخامس؟
هذا هو تمامًا ما نقصده بالثورة الصناعية التي ستثيرها أهم مميزات الجيل الخامس. لا سيما أنَّه يتوقف الأمر على مستوى الاستخدام الشخصي من تصفحٍ أسرع واتصال أقوى بل ستكون كفيلة بتغيير العالم بأسره.
-
السعة الكبيرة
مما لا شكَّ فيه أن عدد مستخدمي شبكات الاتصال الخلوية يزداد يومًا بعد يوم. مما يجعل التقنيات الحديثة تقف عاجزةً عن تأمين اتصال سريع لهذا الكم الهائل من المستخدمين. ناهيك عن حجم البيانات الكبير الذي يفترض أن يصل إلى وجهته بسرعة.
كل ذلك على نفس عرضة الحزمة (Bandwidth) المتاح للمستخدمين. أي أصبح لا بدَّ من تخصيص نطاق ترددي محدد لكل مستخدم مما سيجعل خدمة الإنترنت بطيئة وذات انقطاعات متكررة.
لكن تقنية الجيل الخامس أتت لتقلب الموازين وتوفر القدرة الكبيرة والمساحة الواسعة للاستخدام. لاسيما بفضل استخدامها لتقنية الأمواج الميلمترية (Millimeter Waves) والمتمثلة بنطاقات ترددية عالية جدًا (Extremely high frequency) من 30 إلى 300 جيجاهرتز لم يسبق استخدامها في أي من الأجيال السابقة.
بالإضافة إلى ذلك الانتشار وفق مسارات مستقيمة بعرض حزمة إشعاع ضيقة مما جعل فرصة تداخل الإشارات مع بعضها البعض قليلة جدًا.
بمعنى أنه سيكون هناك قدرة أكبر لجهازك المحمول للحصول على البيانات التي يريد بسرعة تفوق التوقعات ودون حدوث أي مشاكل في حركة البيانات.
لكن وعلى الرغم من أن هذه المشاكل قد حُلت بفضل الأمواج الميلمترية إلا أنه رافق ظهورها مشاكلًا أخرى تمثلت بضعف قدرة الترددات العالية على اختراق العوائق كالجدران أو الأبنية أو غيرها.
لذا رافق ظهور شبكة الجيل الخامس المستخدمة لتقنية الأمواج الميلمترية محطات قاعدية صغيرة الحجم لا تتطلب استطاعات عالية لتشغيلها وممكنة التركيب على الجدران أو على أعمدة الكهرباء أو أي مكان يحتوي عددًا كبيرًا من المستخدمين.
أي سيمكن تركيب عدد هائل من هذه الخلايا دون الاكتراث لمعضلة الحجم الكبير والمكان الأنسب للتركيب. خاصةً أنه وبسبب استخدام الأمواج الميلمترية سيمكن استخدام هوائيات صغيرة الحجم.
وبذلك حلَّت مشاكل الترددات العالية التي تتطلب عددًا كبيرًا من أبراج التغطية لتستوعب العدد الهائل من المستخدمين وقرب الهاتف النقال من برج التغطية حتى يكون الاتصال بصورة أفضل.
على سبيل المثال. سيكون بالإمكان مراقبة المرضى عبر الأجهزة المتصلة بشبكة الـ5G والتي يمكنها باستمرار تقديم مؤشرات صحية ربما لآلاف المرضى في آنٍ واحد.
-
زمن تأخير منخفض
أحد أهم العوامل التي ستجعلنا نعتمد على شبكة الجيل الخامس في مختلف مجالات حياتنا هو عامل الكمون المنخفض والذي يشير إلى الوقت الفاصل بين الإجراء والاستجابة. أو بمعنى آخر الوقت المستغرق لإرسال حزمة البيانات وإذا ما اعتمدنا الخيار الثاني تعريفًا فإنَّ هذا الوقت يقسم إلى قسمين:
- زمن تأخير أحادي الاتجاه: أي الزمن اللازم لوصول حزمة البيانات من مصدرها إلى المستخدم.
- زمن تأخير ثنائي الاتجاه: وهو الزمن اللازم لانتقال حزمة البيانات ذهابًا وإيابًا أي من مصدرها إلى المستخدم. ومن المستخدم إلى المصدر كإقرار بوصول تلك البيانات.
دعنا نضرب لك مثالًا من حولك لتتضح لك الرؤية أكثر. في حال افترضنا أنك تريد تصفح موقع (web) على الإنترنت فإنَّ الزمن الفاصل بين نقرتك على هذا الموقع واستجابته لطلبك يعني تمامًا زمن التأخير المقصود، إلا أنه يمكنك تعميم هذا المنحى على كافة جوانب الحياة العملية.
وفي نفس الصدد فإنَّ شبكة الجيل الخامس ستتميز بزمن تأخير منخفض قد يصل إلى 1 ميلي ثانية. وعليه فإنَّ السرعة العالية إلى جانب الكمون المنخفض لتقنية الجيل الخامس سيسهمان معًا في تطوير مجالات التصنيع مثل التحكم عن بُعد والتطبيقات التجارية وغيرها من المجالات التي تتطلب شبكة قادرة على الاستجابة للطلب بسرعة عالية.
-
استهلاك أقل للطاقة
يمكن أن نعزو جزءًا كبيرًا من استهلاك الطاقة في شبكات الهواتف المحمولة إلى شبكة الوصول الراديوي (RAN) بالإضافة إلى مواقع محطات الراديو الأساسية.
إذ تعتبر شبكة الوصول الراديوي (RAN) إحدى المكونات الرئيسية في أنظمة الاتصالات اللاسلكية. لا سيما أن مهمتها تكمن في ربط أجهزة المستخدمين بأجزاء أخرى من شبكة الاتصال الخلوية سواء عبر الألياف الضوئية أو عبر طرق الربط اللاسلكية (الربط عبر المايكرويف).
تطورت شبكة الوصول الراديوي المذكورة جيلًا بعد جيل، إلى أن اُستخدم في شبكة الجيل الخامس شبكة الوصول الراديوي السحابية (C-RAN). والتي كان مبدؤها هو تجميع عددًا كبيرًا من وحدات معالجة إشارة المعلومات أي الـ (BBU) في وحدة معالجة واحدة أطلق عليها اسم (BBU-Pool).
إذ كان الهدف من تطوير هذه الشبكة التي لم يسبق استخدامها في أي من الأجيال السابقة هو تقليل عدد وحدات معالجة الإشارة وربط عدة مواقع من أبراج التغطية (Sites) بوحدة معالجة واحدة بحيث تجري الموازنة بين جميع المحطات القاعدية مما سيسهم في تخفيض التكلفة والطاقة المستهلكة.
لذا تتمثل إحدى أهم مميزات الجيل الخامس التي ستظهر في الأجهزة الداعمة لهذه التقنية بتوفير استهلاك الطاقة بنسبة تصل إلى 15% من الاستهلاك المعتاد عليه في باقي التقنيات.
لا سيما أن برنامج توفير الطاقة المدمج في شبكة الوصول الراديوي لتقنية الـ 5G يمتاز بقدرات هائلة ومهيأة لتقليل استهلاك الطاقة.
وقبل أن نختم معكم نضع بين أيديكم الجزء الأول من فيديو مميزات الجيل الخامس، نتمنى لكم مشاهدة ممتعة
ختامًا،
جاءت مميزات الجيل الخامس لتوفر إمكانات اتصالات تفوق التوقعات. وبث بيانات لا يحصى ضمن أحدث نظم التشغيل للأجهزة المحمولة.
وعليه فإن هذه التقنية كفيلة بربط العالم بأسره بلا حدود أي سيكون لعالمنا الجديد وصولًا غير منقطع إلى المعلومات والاتصالات مما سيفح أبعادًا جديدة لحياتنا وتغييرًا لنمطها بشكل هادف وغير مسبوق.
لذا إن كنت ترغب في التعرف أكثر على البنية التحتية لهذه الشبكة وأبرز خصائصها لتتمكن من الدخول بقوة إلى سوق العمل فإننا نوجهك إلى حضور Wireless Course. الذي صمم بأسلوب عملي ومحاكٍ لمتطلبات العمل الحالية. أي وبمجرد انتهائك من حضور هذه الدورة سيكون بإمكانك تصميم منظومات الاتصالات الخلوية باحترافية عالية.