هل سمعت عن التسلسل الهرمي الرقمي شبه المتزامن PDH في شبكات الاتصالات؟
في عالم الاتصالات الواسع، تمّ تطوير تقنيات متنوعة لنقل البيانات الرّقمية بكفاءة عبر مسافات طويلة. ومن بين هذه التقنيات، لعب التسلسل الهرمي الرقمي شبه المتزامن PDH. دورًا في تطوّر شبكات الاتّصالات الرّقمية.
وعلى الرّغم من استبداله إلى حدّ كبير بأنظمة أكثر حداثة. إلا أنّ PDH مهّد الطّريق إلى تقنيّات نقل البيانات عالية السّرعة المستخدمة اليوم.
دعنا نتعمّق في ماهيّة PDH وكيف يعمل؟ وأهمّ ميزاته الأساسية. بالإضافة إلى كيفية مقارنته مع أنظمة النقل الحديثة.
فلنبدأ!
ما هو التسلسل الهرمي الرقمي شبه المتزامن PDH ؟
التّسلسل الهرمي الرّقمي شبه المتزامن “Plesiochronous Digital Hierarchy ” المعروف اختصارًا باسم PDH. هو نوع من التّعددية الرّقمية. يستخدم بشكل رئيسي في الاتّصالات. لنقل كميّات كبيرة من البيانات عبر دوائر الشّبكة.
ظهر PDH في الستينيّات كتقنيّة رائدة تقدّم طريقة موحّدة لنقل الإشارات الرقمية. مصطلح “شبه المتزامن Plesiochronous” مشتقّ من اليونانيّة، ويعني “مزامنة تقريبيّة”. مما يشير إلى أنه بينما تكون الإشارات شبه متزامنة، فإنّ الانحرافات الطّفيفة في التّوقيت مقبولة.
يعمل PDH أساسًا على ربط عدّة تدفقات بيانات رقمية في تدفّق بيانات واحد. عن طريق دمجها على مستويات مختلفة، مما يخلق تسلسل هرمي لمسارات الشبكة.
لقد أصبح هذا النّظام شائعًا بفضل قدرته على دمج سعات القنوات الصغيرة في سعة أكبر. مما يساعد في الاستخدام الفعّال للبنية التّحتية. وعلى الرّغم من أن PDH ليس مستخدمًا على نطاق واسع اليوم في الشبكات المتقدمة. فإنّ فهم أساسياته يمنحك رؤىً قيّمة حول تطوّر تقنيات الشّبكات الرّقمية.
اقرأ أيضاً: أدوات القياس في الألياف البصرية | دليلك للتميز التقني
كيف يعمل التسلسل الهرمي الرقمي شبه المتزامن PDH ؟
في جوهره، يعمل PDH من خلال عملية تُعرف بالتّعددية الرّقمية، حيث يتمّ تجميع قنوات البيانات الأصغر في قنوات أكبر.
بمعنى أوسع يستخدم PDH هيكلًا هرميًّا لتعدّدية الإشارات ذات السّرعات المنخفضة المختلفة على روابط نقل ذات سرعات أعلى. تُعرف اللّبنة الأساسيّة في PDH باسم DS0 (مستوى الإشارة الرقمية 0)، والّتي تتوافق مع قناة تردّد صوت واحدة.
يتمّ تجميع إشارات DS0 متعددة في إشارات ذات مستوى أعلى. مثل DS1 وDS2 وDS3، عن طريق جمع عدة قنوات DS0 معًا. هذا النهج الهرميّ يتيح الاستفادة الفعّالة من عرض النطاق الترددي المتاح عن طريق دمج العديد من الإشارات. ذات السّرعات المنخفضة في رابط نقل ذو سرعة أعلى.
تتضمن التقنية ترميز تدفّقات البيانات إلى شكل ثنائي، و تتعامل أنظمة PDH مع الاختلافات الضئيلة في التّوقيت بين تدفّقات البيانات المختلفة باستخدام طريقة تُعرف بحشو البتات والتي تضمن أنّ جميع تدفّقات البيانات المجمّعة تعمل بمعدّل ساعة قريب ولكن ليس متطابق تمامًا، محقّقًا بذلك حالة “شبه المتزامن”.
جانب آخر مهم في PDH هو أنه نظام نقطة إلى نقطة (Point-to-point)، مما يعني أنّ الإشارات تُنقل من نقطة ثابتة إلى أخرى. تتطلّب هذه الخاصيّة أن تدار أي مشاكل توقيت محليًّا عند كلّ عقدة. ممّا يقللّ من الاعتماد على التّزامن على مستوى الشبكة ولكنّه يزيد من تعقيد كل عقدة فردية.
💡 مثال توضيحي بسيط تخيّل أنّ لديك ثلاث إشارات A وB وC كل واحدة تولد بياناتها باستخدام ساعة داخلية. عند دمجها، تصل إشارات A وB وC إلى وجهتها النهائية بتوقيتات مختلفة بسبب الفروق الطفيفة في توقيت الساعة، لذا ولإعادة تكوين البيانات الأصليّة بدون أخطاء، يقوم PDH بحشو الإشارات ببتات إضافيّة حتى تصبح جميعها بنفس الطّول، ثمّ يتم فصلها واسترجاعها بالشكل الاصلي. |
المزايا الرئيسية لاستخدام PDH في الاتصالات
إحدى المزايا الرئيسية لـ PDH هو التّوحيد القياسي (standardization)، ويعني ذلك أن تقنية PDH تمّ تطويرها وفقًا لمعايير قياسية موحّدة، مما يسمح بتكامل وتشغيل معدّات الشبكات المختلفة من شركات ومشغّلين مختلفين بطريقة متوافقة ومنسجمة.
هذا التّوحيد القياسي جعل من السّهل توسيع وربط الشبكات دون مواجهة مشكلات في التّوافق التقني. مما أدّى إلى تقليل الّتكاليف والتّعقيدات التّقنية المرتبطة بالاتّصالات الرّقمية.
ميّزة أخرى جديرة بالملاحظة هي المرونة الّتي توفّرها الطّبيعة شبه المتزامنة (plesiochronous) لهذه التّكنولوجيا. نظرًا لأن PDH لا يتطلّب تزامنًا مطلقًا بين تدفّقات البيانات، فإنّه يمكن أن يتعامل بشكل فعّال مع الفروقات الطّفيفة في التوقيت، وقد ساعدت هذه القدرة على تبسيط المتطلّبات التّقنية والبنية التحتية اللازمة لنقل البيانات بشكل موثوق عبر مسافات مختلفة.
بالإضافة إلى ذلك، كانت أنظمة PDH فعّالة من حيث التكلفة وأسهل في التنفيذ مقارنةً بالأنظمة التّناظرية السابقة. باستخدام النّقل الرقمي، قلل PDH من الضّوضاء وتدهور الإشارة عبر المسافات الطويلة ونتيجة لذلك، أسهم في تحسين وضوح الاتصالات وسلامة البيانات، من ناحية أخرى مهّد الطريق للأنظمة الأكثر تقدمًا التي جاءت بعده.
مقارنة بين PDH و تقنيات النقل الرقمية الحديثة
لقد أحدث PDH ثورةً في بداية اكتشافه ، لكن تقنيات التسلسل الرقمي المتزامن SDH كما والشبكات البصرية المتزامنة SONET الأكثر تقدّمًا تجاوزته بمعدّلات بيانات أعلى وتزامن أفضل وإدارة أبسط للشبكات.
تتميز SDH و SONET بقدرتها على التّعامل مع أنواع متعدّدة من البيانات بكفاءة ومرونة، مما يجعلها مناسبة لبيئات الشّبكات المتنوعة وعالية الطّلب، كما تدعم هذه التقنيات تخصيص النّطاق التّرددي الدّيناميكي. علاوة على ذلك يؤدّي إلى استخدام أكثر كفاءة للشبكة مقارنةً بـ PDH الذي يتطلب مسارات ثابتة.
لذا دعنا نجري مقارنة سريعة في الجدول التالي:
الميزة | PDH | SDH و SONET |
التّزامن | شبه متزامن (انحرافات طفيفة في الوقت) | تزامن دقيق (يقلل من أخطاء التّشويش) |
معدّلات البيانات | معدلات بيانات منخفضة نسبيًّا | معدلات بيانات أعلى بكثير |
إدارة الشّبكة | معقّدة نسبيًّا | بسيطة |
القدرة على التعامل مع أنواع متعدّدة من البيانات | أقلّ مرونة في التعامل مع أنواع متعدّدة من البيانات | أكثر مرونة (تدعم الصوت والفيديو كما وحركة مرور الإنترنت) |
قابلية التوسّع | قابلية توسّع معقّدة | قابلية توسّع أفضل |
تخصيص النطاق التردّدي | يتطلّب مسارات ثابتة ومحددة مسبقًا | تخصيص ديناميكي للموارد بناءً على الطّلب |
التّكلفة والبنية التحتية | أقلّ تكلفة وأسهل في التّنفيذ مقارنةً بالأنظمة التناظرية السابقة | تكلفة أعلى ولكن أكثر كفاءة في استخدام البنية التحتية |
الاستخدام الحاليّ | محدود، يستخدم في الأنظمة القديمة والمناطق الحسّاسة للتكلفة | مستخدمة على نطاق واسع في الشبكات الحديثة. |
اقرأ أيضاً: BTS Base Transceiver Station |مفتاح مستقبلك المهني في هندسة الاتصالات
في النهاية وفي ختام مقالنا، لا بدّ أن نؤكّد على دور PDH في انتقال العالم من الاتصالات التّناظرية إلى الرّقمية، مما وفّر أساسًا بُنيت عليه التّقنيات الأحدث والأكثر تقدّمًا.
يتيح لنا فهم PDH إلقاء نظرة على التحدّيات والحلول التي شكّلت مشهد الاتّصالات الحديث. فعلى الرّغم من أنّه تم استبداله إلى حدّ كبير بأنظمة أكثر تعقيدًا. إلّا أنّ مبادئ وابتكارات PDH تواصل التّأثير على التّقدم التّكنولوجي في الاتصالات.
ومن هذا المنطلق ندعوك إلى اكتشاف كلّ ما هو جديد ومهمّ في عالم الاتصالات الرّقمية والشّبكات. برفقة أكاديمية اتصالاتي، لنأخذ بيدك إلى معرفة أسمى حول عالم هندسة الاتصالات المذهل.